قال شيخ الإسلام: "قالوا: وقال: أشعياء النبي -ونص على خاتم النبوة-: (ولد لنا غلام يكون عجباً وبشراً، والشامة على كتفيه، أركون السلام، إله جبار، وسلطانه سلطان السلام، وهو ابن عالمه، يجلس على كرسي داود). قالوا: الأركون هو العظيم بلغة الإنجيل، والأراكنة: المعظمون. ولما أبرأ المسيح مجنوناً من جنونه، قال اليهود: إن هذا لا يخرج الشياطين من الآدميين إلا بأركون الشياطين".
أي: لما كان عيسى عليه السلام يخرج الشياطين من المصروعين، قال اليهود: إن هؤلاء الشياطين لا يخرجون إلا بأركون الشياطين، أي: بالشيطان الأكبر؛ متهمين بذلك المسيح عليه السلام.
قال: "وسماه على نحو قول التوراة: (إن الله جعل موسى إلهاً لفرعون) أي حاكماً عليه ومتصرفاً فيه...
فقد شهد أشعياء بصحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ووصفه بأخص علاماته وأوضحها،وهي شامته".
ويدل على هذا قصة سلمان الفارسي الطويلة، لما ترك عبادة النار، ثم ذهب إلى صاحب بصرى، ثم صاحب إيليا، ثم جيء به رقيقاً، ثم لما وصل إلى المدينة وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس بين أصحابه، أخذ ينظر وراءه؛ لأنه يريد أن يرى خاتم النبوة، حتى رآه فأكب عليه وقبله، يقال: إنه ظل يبحث مائة وخمسين عاماً، وبعض الروايات تذكر أربعين وأربعين وأربعين وهو يعبد الله؛ فهذا الخاتم هو الذي ذكره أشعياء، وهذه العلامة منقولة من كلام أشعياء، ثم تناقلها الناس حتى وصلت إلى سلمان الفارسي، وهذا شيء لا يمكن أن يكون كذباً، وحديث سلمان دليل على أن لهذه البشارة أصلاً وحقيقة.